12وكَلَّمَهم أَيضاً يسوعُ قال:((أَنا نُورُ العالَم مَن يَتبَعْني لا يَمْشِ في الظَّلام بل يكونُ له نورُ الحَياة)). 13فقالَ له الفِرِّيسِيُّونَ:((أَنتَ تَشَهدُ لِنَفسِكَ، فشهادَتُكَ لا تَصِحّ)). 14أَجابَهم يسوع:إِنِّي، وإِن شهِدتُ لِنَفْسي فشَهادتي تَصِحّ فأَنا أَعلَمُ مِن أَينَ أَتَيتُ وإِلى أَينَ أَذهَب. أَمَّا أَنتُم فلا تَعلَمونَ مِن أَينَ أَتَيتُ ولا إِلى أَينَ أَذهَب. 15أَنتُم تَحكُمونَ حُكْمَ البَشَر وأَنا لا أَحكُمُ على أَحَد. 16وإِذا حَكَمتُ، فحُكْمي صَحيح لِأَنِّي لَستُ وَحْدي بل أَنا والَّذي أرسَلَني. 17وكُتِبَ في شَريعَتِكم:شَهادَةُ شاهِديْنِ تَصِحّ.18أَنا أَشهَدُ لِنَفْسي والآبُ الَّذي أَرسَلَني يَشهَدُ لي أيضاً)). 19فقالوا له:((أَينَ أَبوك؟)) أَجابَ يسوع:((أَنتُم لا تَعرِفوني ولا تَعرِفونَ أَبي، ولَو عَرَفتُموني لَعَرَفتُم أَبي أَيضاً)). 20قالَ هذا الكَلامَ عِندَ الخِزانَة وهو يُعَلِّمُ في الهَيكَل، فلَم يُمسِكْه أَحَدٌ لأَنَّ ساعتَه لم تكُنْ قد جاءَت.
تأمل
على الرغم من ان يسوع عاش وعلّم المحبة والتواضع والخدمة، فقد عاداه العديد من رؤساء الكهنة والفريسيون والكتبة. مرة لأنه قال أن السبت هو لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت، ومرة بدافع الحسد لنجاحاته الكبيرة والكثيرة، ومرة لضيق فكرهم عن فهمه، ومرة للرياء الذي تمتعوا به وغيرها من الأسباب.
هل حسد هؤلاء كان نتيجة الخوف منه لأنه يقلقهم ويوقض ضميرهم. احيانا يتصور بعض حملة الشهادات والمناصب إن الناس العاديون اقل منهم شأناً او بلا فهم اصلاً، هنا وبفضل الأنانية يحصل التطرف في الآراء والعناد والإنغلاق والتعالي على الآخرين والشوق الى الدكتاتورية والتملي على الآخر. لكن هؤلاء البسطاء كانوا يعلمون من هو حقاً القادر على القول والفعل، من يدافع عن كرامة الشخص البشري، من يتضامن مع الفقير والمريض والطفل والشيخ حيث يحضر في قلبه روح الله بحيث يستحق ان يؤمنون به إبنا باراً لله. لذلك مثلما لا يمكن حجب الشمس بالغربال، هكذا يسوع لم يستطع حارس ان يضع يداً عليه لأن ثماره كانت تجعل القاصي والداني يؤمن به. وبالمقابل كان اصدقاء يسوع كالأطفال حيث صار يسوع لهم نور العالم ومصدر الماء الحي.
ولكن السؤال هو كم عدد الذين في مجتمعاتنا وكنائسنا من يتمتعون بقدرة على التطرف والتصلب والإنغلاق ورفض الإنفتاح، كلها لأسباب ضيقة الفكر تبعد الناس عن المسيح والكنيسة وتخلق المرارة في نفوس المؤمنين. ما كان ينقص هؤلاء وينقصنا هو ان يعرفوا ونعرف ان هناك فن للإصغاء، فن للسمع، فن للفهم، فن للتقصي عن الحقيقة، هذا كله قبل الحكم على الآخر.
الحسد هو أصل الشرور. نقرأ في سفر التكوين كيف حسد اولاد يعقوب يوسف، وسفر الأمثال يؤكد ان الحسد هو نخر للعظام، وسفر الحكمة يؤكد انه بحسد ابليس دخل الشر الى العالم. وكم من المصائب في العالم بسبب الحسد، بينما مار بولس يقول (افرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين).
اليوم، ونحن معمذون، اخوة لا ام لنا سوى الكنيسة ولا مدبر لنا سوى المسيح ولا اب لنا سوى الآب السماوي خالق العالم بنعمته، المملوء محبة، لقد خلق الإنسان على صورته ومثاله ذكرا وانثى ليشركه الفردوس الأبدي بجسده ونفسه وروحه. لدينا دعوة انه بدل الحسد ان نعلم كم من الإحباطات في عملنا كي نحولها الى خطوات نحو الأمام من خلال ربطها بعمل الثالوث الأقدس كي يأخذ منحى الهي حي لا بشري ميت، والا لماذا قال الرب: دع الموتى يدفنون موتاهم. الحسد هو صفة الإنسان القديم المائت حتى لو كان يسير على الأرض بجسده، ينما المعمذ يفتتح بعمله ملكوت الله على الأرض كبذرة للقيامة تسقيها مياه يسوع الحية واشعة نوره الوهاج.
No comments yet
Comments are closed